......استقبلت ذات يوم رسالة من عزيزٍ تضمنت شكواه من مديره..!
وكان ردّي عليه برسالــة أحببتُ أن أُشرككم في قراءة بعضٍ من فقراتــها..!
*........ثم وصلتــني رسالتك وحطمت جدارًا من الملل سببه الرتابـة ، فالأيام تتوالى وقد بلغت سن اليأس فلــم تعد تنجــب جديدًا ، أمســها كيومهــا الذي سيستنسخ منه غدها ؛
فلــم يعد للوقت معنىً ولا لتــوالي الساعات مغزى...!!
وقررت غير نادم أن أتخلى عن لبس ساعتــي التي لم أجد لها عمــلاً سوى استكمــال المنظـر.
لم أحــزن قط لمنظــر أطلال أو صرح هوى!!!
....ولكني تقطــعت حزنًـا عندما وقفت على أطلال نفــسي وقد تجاذبتهــا كلاليب الفراغ الفكــري القاتــل ، فلقد أصبحــت مطالعة كتاب بالنســبة لي تــرف ليس له مايبرره وعلامــة من علامــات رغــد العيــش.
.........أراك في رسالتـك قد تكلمت كلامــًا عن الذئب الذي لا يعــود من طريق مـرّ منـها ، وفي نظــري أن هذا الذئب ماهو الا (حمــار) !!!!
بل إني ارى في نهج الحمار حكمــة لا يعادلهــا حكمة وخاصــة في مثل هذه المواقــف فهو لا يحــب المجازفــة ولا يعرف الا طريــقًا واحده هي بلا شـك مأمونـة ومعروفـة ، وان لنا فيه لقدوة حســنة في قادم الأيــام إن شاء الله.
وبمناســــبة ذكـر الحمير فإني والله لأرى في مديــركم الفاضــل خير من يسير على ذلك النهــج لا يحيد عن طريــق رسمــت له وأصدقــك القول أن هذا النهــج الحمــاري لجدير بالإتــباع.
وبما أن الحديــث قد جرّنـي للحديـث عن سعادة مديركم فاعلم يارعاك الله أنهم انواع وفئـات – اي المدراء- فمنهم حفظنا الله واياكم من كان شعاره " سيد القوم خادمــهم " وَ " لايخطـئ الا من يعمــل " ، يهمهم من يعمــل تحت إدارتــهم أكثـر مما تهتم أنفسهــم وهذا النوع قد انقرض ولا أظنــك والله تجد سيرتــهم الا في الصحف الأولـى وخيالات الواهمــين أمثــالنا ...!!
أمّــا النوع الثـاني منهم – شملنا الله بلطفه وعنايته – فهم من غلبـوا على أمرهــم وأتاهم من دنياهم مالم ينتظروا وهذا النــوع " لا يرمــح ولا ينطــح " ولا علــم له أهو مدير أم غفير!!!
لا تنتــظر منه ضرا ولا نفعـا أولئك كالأنعــام بل هم أشد ضلالاً وهذا النوع من المدراء أو المديرين موجود أينــما يممت وجهــك.
أما الفئــة الثالثة –أثابك الله – فهم فئة رأت في الاداره علامـة من علامـات النبوة وأن محمد (صلى الله عليه وسلـم ) لو لم يكن نبيًا لكان مديراً...!!اقتداءا بهم
أو انهم لو لم يكونوا مدراء لكانو هم الأنبياء والرســل ؛ فهم لا ينطــقون عن الهــوى ، كلامــهم مطــاع ورغباتهــم الحمقــاء..! أوامر لا تقبل الجــدل ولا النقــاش إن قالوا للشـــيء كن فهو كائـن لا محالة ، وإن عصيت لهم أمرًا فأنت خارج عن المــلّة..!! مبدع مرتــد ، ومصيرك أن تنكس على رأسـك كما تنكـس أقلامهـم محددةً مصائـر عبــاد الله !!!!
أمــا النوع الأخـــير – أعاذنا الله واياكـم منه – فهو خطيــر أو قل إن شئت حقير !!
وهم من اجتمعـت فيهم صفات النوعيـن السابقــين .
فهم بلهـاء لم تقنعهم بلاهتـهم فطفقـوا يغطونها بدكتاتوريـّة أكثـر بلاهــة....!!
وأحســب مديركــم -والله حســبه -من غلاة هذه الفئـة فقد أثقلت كاهلة السنون وأسفار يحمــلها على ظهــره فانحنــى ولم يعــد يرى سوى ماتحــت قدميه فإن عدلت ظهره كسرتــه وان تركــته قادكــم للهاوية...!!!
وإن رأيتم ان تكونوا لدى مديركم من المقربـين فغيّروا مسمّـى المدير الى (الوالـي) فهو اليه أقرب ولمنــصبه أنســب ، ولو علم الجاحــظ (ربما الأصمعــي!) بأن مديركم سيظهــر في آخر الزمــان لجعل من أمر ظهــوره (منحــسة أخرى) !!